إسرائيل تدوس خطوط بايدن الحمراء

في مؤتمر المناخ في الإمارات قال الرئيس الفرنسي أنه إذا كان هدف إسرائيل القضاء التام على حماس، فالحرب ستستمر لعشر سنوات، ودعا إسرائيل لجعل استراتيجيتها "أكثر تحديدا". ونقل عنه موقع الخدمة الروسية في إذاعة فرنسا الدولية RFI بأنه يشكك في الإستراتيجية الإسرائيلية المعلنة.

وأشار الموقع في 2 الجاري إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إتهم حماس بخرق الهدنة وتجدد العمليات الحربية، وأكد إلتزام إسرائيل بتحقيق أهدافها: القضاء على حماس، إطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا مرة أخرى لشعب إسرائيل. كما نقل الموقع عن الرئيس الفرنسي قوله في مؤتمر المناخ أيضاً بأن مكافحة الإرهاب لا ينبغي أن تقتصر على "عمليات القصف المنهجية والمتواصلة"، والرد الصحيح على "المجموعة الإرهابية" ليس "في تدمير كل الأراضي أو قصف كل السكان المدنيين". 

وبشأن طول مدة الحرب ناقش موقع absatz الروسي في 22 المنصرم ما سيكون عليه الوضع بعد نهاية الهدنة الممددة. ونقل عن البوليتولوغ الروسي Sergey Markelov قوله بأن الصراع بين حماس وإسرائيل بعد الهدنة قد يعود إلى النقطة التي إنطلق منها. العسكريون الإسرائيليون سيغيرون تكتيكهم ويحاولون تخفيض الخسائر بين المدنيين وتقليل لفت الإنتباه. وهم يحتاجون هذا من أجل نزع وصم أعمال إسرائيل بأنها "إرهاب وجرائم حرب". ورأى أن حماس ستتسلح من جديد وتطوع مقاتلين جدداً وتكون مستعدة لتوجيه ضربات جديدة إلى إسرائيل. وافترض أن السيناريو الذي كان يمكن أن يعقب الهدنة ـــــ إنخراط المجتمع الدولي والأمم المتحدة في الخروج من المأزق ب"تشكيل دولة فلسطينية موحدة". 

رأى Markelov بأن حكومة نتنياهو ساعدتها العملية البرية في غزة على التلبية الجزئية للطلب القائم في المجتمع الإسرائيلي بالإنتقام من حماس. لكن هذا، بالطبع، لن يحسن صورة نتنياهو، إلا أنه سيخفض التوتر لبعض الوقت داخل المجتمع.  

يقول البوليتولوغ أن خبراء كثيرين يؤكدون أن ضغطاً مزدوجا يمارس على الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو شخصياً. الراديكاليون في المجتمع يدعون إلى عدم وقف العملية البرية، أما المعارضة فتتحدث عن السقوط السياسي لنتنياهو وتطالب باستقالته. 

يعتبر Markelov أن الصراع ين حماس وإسرائيل يسبب عدم الإرتياح للولايات المتحدة. لكن العامل المحدد في موقف الولايات المتحدة من هذا الصراع يبقى رد الفعل السلبي للمجتمع الأميركي على موقف واشنطن ودورها فيه. فالحزب الديموقراطي وبايدن شخصيا يستمر تراجع تأييدهما، وكانا بحاجة لهذه الهدنة.

صحيفة الإزفستيا المخضرمة نشرت في 2 الجاري نصاً ناقشت فيه أسباب إنهيار الهدنة بين حماس وإسرائيل، وما تحقق خلال أيامها السبعة. تتحدث الصحيفة مطولا عن تبادل الإتهامات بين الطرفين بخرق الهدنة، وتقول أنه، بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها قطر في وساطتها، لم يصمد إتفاق الهدنة. إلا أنهم يؤكدون في الدوحة مواصلة العمل للتوصل إلى إتفاق جديد. وتشير إلى أن إسرائيل كانت تحرص خلال أيام الهدنة على التأكيد على سعيها للثأر، وعلى أن الهدنة لم تكن سوى إجراء إضطراري، ويبقى الهدف الرئيسي للجيش الإسرائيلي ــــ القضاء على حماس. 

نقلت الصحيفة عن الناطق بإسم الكرملين تأكيده مطلع الجاري على تأييد روسيا لتمديد الهدنة. وأشار إلى أن السلطات الروسية عازمة على الإستمرار بالتواصل مع "كل أطراف" النزاع المسلح من أجل تأمين عودة الرهائن الروس المدنيين إلى وطنهم. 

تشير الصحيفة إلى أن حماس أطلقت من خارج إتفاق الهدنة مواطناً روسياً، "رداً على تصرفات الرئيس فلاديمير بوتين، وامتناناً لموقف بلاده من القضية الفلسطينية". ثم أطلقت حماس بعد ذلك سراح إمرأتين روسيتين "إستجابة لطلب السلطات الروسية". وعبرت الناطقة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن الإمتنان لقادة حماس "على إستجابتهم لنداءاتنا العاجلة". 

نقلت الصحيفة عن المستشرق الروسي Roland Bijamov قوله بأنه خلال سنة، "على الأقل"، سنشهد عقد مختلف إتفاقات الهدنة، يعقبها تجدد العمليات الحربية. والحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نتنياهو ستتشدد في إنتهاج سياستها بتدمير حماس كتنظيم، وكذلك بهدف تشويه سمعة المقاومة في قطاع غزة. ويرى أن إسرائيل تعتمد سياسة شيطنة المقاومة الفلسطينية. ويضيف بأن الإسرائيليين سيتهمونهم ببدء الصراع، ويسكتون عند نقطة البداية ـــ عدم حل القضية الفلسطينية. ولذا يستنتج المستشرق بأنه ليس من الجدير "إنتظار حل سلمي في الوقت القريب". 

صحيفة الأعمال الروسية الكبيرة Vedomosty تحدثت في الأول من الجاري عن هدنة "الأيام السبعة" وكيف إنتهت. ونقلت عن الباحثة Lyudmila Samarskaya في مركز دراسة الشرق الأوسط التابع للمعهد الروسي للعلاقات الدولية والإقتصاد العالمي قولها بأنه لا يزال من الممكن تنظيم هدنة إنسانية جديدة، وذلك لأن إسرائيل لا تزال معنية بتحرير جميع الرهائن لدى حماس. وترى أن النشاط الدبلوماسي العلني للاعبين الخارجيين، يشير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لا يزالون معنيين بالحوار حول هدنة ما مماثلة.  

تعتبر الباحثة أن من المؤكد بأن الولايات المتحدة يمكنها ممارسة الضغط على إسرائيل الآن. لكن القيود المفروضة على التأشيرات بسبب الوضع في الضفة الغربية، هي بالواقع تعبير عن الموقف الثابت للإدارة الديمقراطية بإدانة عنف المستوطنين. كما أنها تعبير عن رأيهم بعدم شرعية المستوطنات.

قضية المستوطنين الملتهبة الآن بين إسرائيل والولايات المتحدة، لم تدرج ضمن الخطوط الحمراء الأميركية التي تحدث عنها موقع الخدمة الروسية في BBC. فقد رأى محرر الشؤون الدولية في الشبكة البريطانية Jeremy Bowen في النص الذي نشره على الموقع في 2 الجاري، أن تصريح بلينكن أثناء زيارته الأخيرة لإسرائل يستحق إقتباسه بالكامل. فقد تضمن التصريح ما تراه الولايات المتحدة أن على إسرائيل الإلتزام به (الخطوط الحمراء)  في جولة الحرب التي تلت سقوط الهدنة. 

ينقل Bowen عن بلينكن قوله بان على إسرائيل أن تتخذ خطوات أكثر فعالية لحماية حياة المدنيين، وخاصة تحديد مناطق في وسط غزة وجنوبها، يكون الناس في مأمن فيها وبعيدين عن خطوط النار. ويشرح بلينكن بأن هذا يعني منع المزيد من التهجير على نطاق واسع للمدنيين داخل قطاع غزة. كما بعني هذا بدوره منع إلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية ـــــ المستشفيات، محطات الطاقة وإمدادات المياه.

يواصل بلينكين تفسير ما يعنيه بكلامه، فيقول بأن هذا يعني كذلك السماح للمدنيين الذين نزحوا إلى جنوب غزة بالعودة إلى الشمال بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. ولا ينبغي أن تكون هناك حركة نزوح داخلية ممتواصلة. 

يشير المحرر إلى أن بايدن، وأثناء زيارته إسرائيل في بداية الحرب، حذر الإسرائيليين من ألا يعميهم الغضب وهم ينشدون العدالة، كما حدث للأميركيين بعد هجوم "القاعدة" في 11 أيلول/سبتمبر2001. ومن خلال بعض التصريحات التي أدلى بها بلينكن، يبدو أن جو بايدن يعتقد أن نتنياهو، الذي كانت تربطه به علاقة صعبة، لم يستمع إليه.

ويستنتج المحرر أنه إذا قتلت إسرائيل، خلافاً لرغبات جو بايدن المعلنة، عدداً من المدنيين الفلسطينيين في الجنوب يماثل ما قتلتهم في الشمال، فسيتعين على الرئيس الأمريكي أن يقرر ما إذا كان يستطيع الاستمرار في تقديم هذا الدعم الواسع لإسرائيل، ليس فقط في ساحة المعركة. ولكن أيضاً في مجلس الأمن الدولي، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض عدة مرات لحماية مصالح إسرائيل.

المصدر: المدن